الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٢٤
أحيانا يصدق العقل بشئ فيقال لذلك علم، ولكن أحيانا أرقى من ذلك حيث يحدث ثبات ورسوخ في القلب فيصدق القلب وعندما يصدق القلب يقال لذلك التصديق يقين.
اليقين من الفضائل الكبيرة للإنسان، ولذلك عندما يشرع علماء الأخلاق ببحث الفضائل والرذائل فيعدون اليقين من أول الفضائل.
نحن ذكرنا فضيلة التفكر والتأمل كأول فضيلة، ولكن صفة اليقين إذا لم تكن أعلى من التفكر والتأمل فهي لا تقل عنها.
اليقين الذي أتحدث عنه معكم الآن يرتبط بالدين، وليس اليقين الذي يرتبط بالعلوم الطبيعية أو العلوم غير الدينية، إذ ذلك موضوع له بحث مستقل وليس موضوع بحثنا الآن.
فموضوع بحثنا إذن هو اليقين المرتبط بالدين، يعني حصول اليقين بأن الله موجود، حصول اليقين بوجود المعاد والقبر والبرزخ والقيامة والجنة والنار.
أن يحصل لنا يقين بأن الله عادل وان الله جواد وكريم وان الله عالم وقادر وأن الله رؤوف رحيم.
وأن يكون لنا يقين أن القرآن حق والنبي الأكرم (ع) خاتم الأنبياء ويكون لنا يقين أن أمير المؤمنين وأبناءه الأحد عشر (ع) خلفاء وأوصياء بعهد النبي الأكرم.
يكون لنا يقين بأن ما يقوله النبي الأكرم (ص) ملزم، فإذا قال (افعل) ففي الأمر مصلحة. وان قال (لا تفعل) ففي الأمر مفسدة ويطلق اليقين الديني على كل ما سبق.
يمكن تصور ثلاث حالات لليقين الديني اللازم للإنسان على أساس الأمور السابقة.
أنواع الإيمان 1 - الإيمان التقليدي:
القسم الأول علم، ولكنه علم بلا استدلال، علم بلا برهان. وهو العلم والمعرفة التي يفهم الإسلام بها عامة الناس. يعني العلم التقليدي. ومن الناحية الشرعية هذا العلم يوصل الإنسان إلى الجنة إذا تحرك وسلك على أساسه.
يأتي بالواجبات في محلها ويترك المحرمات، ويغادر هذه الدنيا وهو مرتبط بالله فيكون من أهل الجنة.
وحسب تعبير العلماء فإن (نتيجة البرهان) موجودة لدى هؤلاء.
تسعة وتسعون بالمائة من الناس لا يستطيعون الاستدلال على أصول الدين ولكنهم يعلمون
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»