الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٤٣
ومحصل تلك الروايات ان موسى (ع) قال لقارون إن الله قد أمرني بأن آخذ الزكاة من بني إسرائيل وعليك زكاة أموالك، فأبى ان يدفعها، فصالحه أخيرا على أن يدفع من كل ألف دينار دينارا واحدا وعن كل ألف شاة شاة واحدة وهكذا عن كل ألف شئ شيئا واحدا فأجابه إلى ذلك ثم رجع إلى بيته فحسبه فوجده كثيرا فلم تسمح نفسه الأمارة بالسوء بذلك. وكان آخر ما قام به من البغي انه دعا امرأة شقية بغية من بني إسرائيل فقال لها: أعطيك ألفين من الدنانير على أن تجيئني غدا إذا اجتمعت بنو إسرائيل عندي فقولي: يا معشر بني إسرائيل ما لي ولموسى وقد آذاني وهو يراودني عن نفسي فأجابته إلى ذلك قائلة: نعم أفعل ذلك وأعطاها المال مختوما بخاتمه، فلما جاءت بيتها ندمت وقالت: يا ويلي قد عملت كل فاحشة وما بقي إلا أن أفتري على نبي الله، ولما أصبحت وأقبلت ومعها الدنانير حتى قامت بين بني إسرائيل وقالت: إن قارون قد أعطاني هذه الدنانير على ان آتي لجماعتكم فأزعم ان موسى يراودني عن نفسي ومعاذ الله أن أفتري على نبي الله هذا ماله مختوم بخاتمه، فعرف بنو إسرائيل خاتم قارون فغضب موسى (ع) ودعا الله عليه وقد خر ساجدا يبكي ويقول: يا رب ان عدوك قد آذاني وأراد فضيحتي اللهم فأغضب لي وسلطني عليه. فأوحى الله إليه أن أرفع رأسك فإني قد أمرت الأرض أن تطيعك وسلطتها عليه فمرها، فقال موسى: يا أرض خذيه فأخذته وهو على سريره حتى غيبت سريره، فلما رأى قارون ذلك ناشده الرحم فقال: خذيه فأخذته حتى غيبت قدميه، ثم أخذته حتى غيبت ركبتيه ثم أخذته حتى غيبت
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»