الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٣٣
بوضع السلاح وترك القتال فحسب بل إصلاحا متلبسا بالعدل بإجراء أحكام الله فيما تعدت به الطائفة المعتدية من دم أو عرض أو مال أو أي حق آخر ضيعته فيؤخذ منها حتى لا تعود مرة أخرى إلى البغي.
ثم يأتي الأمر الرابع: (وأقسطوا (والأمر بالأقساط هنا يعني إعطاء كل ذي حق حقه بصورة دائمة وعامة طبق ميزان العدل، وعطف بهذا الأمر على أمره السابق: (فأصلحوا بينهما بالعدل (وهو من باب عطف المطلق على المقيد للتأكيد، قوله تعالى في خاتمة الآية: (إن الله يحب المقسطين (تعليل يفيد تأكيدا على تأكيد كأنه قيل: أصلحوا بينهما بالعدل واعدلوا دائما في جميع الأمور لأن الله يحب العادلين لعدالتهم.
وهنا قد يقال: لم أمر الله تعالى الأمة الإسلامية بهذه الأوامر من الإصلاح بين الطائفتين المتقاتلتين أولا وبقتال الطائفة الباغية ثانيا وبالإصلاح بينهما بالعدل ثالثا والمسلمون ليسوا طرفا بهذا الخصام والقتال؟ الجواب يأتي في الآية الثانية بعدها وهي قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون (.
نعم هكذا شرع الله لنا وأخبرنا بهذا التشريع الإلهي الحكيم: (إنما المؤمنون إخوة (و (إنما) أداة حصر والمعنى أن المؤمن أخو المؤمن لاشتراكهما في الإيمان وأن الطائفتين المتقاتلتين لوجود الأخوة بينهما يجب أن يستقر بينهما الصلح، والمصلحون لكونهم أخوة للمتقاتلين يجب أن يسعوا في إصلاح ما بينهما لذا قال: (فأصلحوا بين أخويكم (نعم قال ذلك ولم يقل: فأصلحوا بين الأخوين وهذا من أوجز الكلام وألطفه حيث يفيد أن
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»