تحذير المسلمين عن الابتداع والبدع في الدين / وهذا الكتاب يعد من مدافع فقهاء الوهابية وقد سلط على المسلمين في عنف معلنا في صراحة ووضوح رفضه القاطع لكل الاتجاهات المخالفة، رافضا بشدة فكرة تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة، فالبدعة في نظره كل لا يتجزأ ومثل هذا الموقف من شأنه أن يعمق قضية التطرف ويزيد من حدتها. إذا أن هذا يعني الوقوف في وجه العصر وكل ما هو جديد.
كما يعني في نفس الوقت قتل الاجتهاد وتشييعه إلى مثواه الأخير ومناهضة العقل والرأي والعمل على إجهاضهما.
مثل هذا الموقف يعني توسيع دائرة المصادمة مع الواقع وبدلا من كونها كانت تنحصر في دائرة قضايا ومفاهيم تصطدم بالروايات ونهج السلف اتسعت لتشمل كل ما هو جديد من آراء واجتهادات في قضايا ومفاهيم لا تتعلق بشئ من نصوص الدين أو جوهرة بل تركت لإعمال العقل فيها أو هي عرف من الأعراف السائدة التي لا تضر في شئ أو هي صورة من صور الترويح عن النفس التي تمارس على ساحة المجتمع وتدخل البهجة والسرور في قلوب الناس، كل ذلك ومثله يجب محوه وإزالته وتدميره في منظور فقهاء الوهابية حنابلة العصر..
ولقد تجاوز صاحب هذا المدفع حدود البدع التي سلط مدفعه عليها وأطلق قذائفه على منكري الروايات الذين ينادون بإعمال العقل في كل ما هو منسوب للرسول (ص) مصدرا حكمه القاطع فيهم بالكفر والضلال..
يقول: وهذه الفرقة أخطر على المسلمين من اليهود ومن النصارى لأنهم باسم الإسلام وباسم القرآن ينشرون كفرهم، ومن الثابت شرعا وعقلا أن من أنكر سنة رسول الله (ص) فقد كفر بالله العظيم، فيجب على الحكام والعلماء المسلمين أن يجاهدون هذه الفرقة في تنشيط العلماء في مواجهة هؤلاء الكفرة وطبع السنن والردود، فوالله إن جهادهم لا يقل عن جهاد الكفار لأن أولئك قد أعلنوا كفرهم لا يغتر بهم إلا القليل. أما هؤلاء فيغتر بهم كثيرون ممن يدرس الكتاب والسنة ولم يتعمق.
ومن الواضح أن هذا الكلام الشديد التطرف لا سند له سوى الروايات وإجماع فقهاء الحنابلة، وما هو بأمر ثابت شرعا وعقلا كما يدعي صاحبنا، فليس من الشرع ومن العقل تبني مثل هذه الخرافات والأحكام والمفاهيم التي تصطدم بالقرآن والتي جاءت بها كثير من الروايات المنسوبة للرسول (ص)..