وإذا كان الرسول (ص) يقول بهذا. فهو يؤكد أن الوصية كانت موضع اهتمامه في الأموال وغيرها من أمور الدين والدنيا..
والفقهاء بالطبع لم يركزوا على هذه الرواية التي حصروها في شؤون المال والميراث ولم يحاولوا التأكيد على أهمية الوصية من خلالها.
أما الرواية الثانية الخاصة بكتابة كتاب يعصم الأمة من الضلال والردة والانحراف بعد الرسول فهي رواية ذات دلالات خطيرة وصريحة تتعلق بوصية الرسول فمن ثم نرى الفقهاء وقد أحاطوا بها من كل جانب محاولين تمييعها تارة وتأويلها على غير المراد تارة وتبرير مواقف الجبهة الرافضة للوصية بزعامة عمر تارة أخرى وهو ما يبدو بوضوح من خلال نصوصهم التي عرضناها..
ثانيا: إن استعراض الرواية الثانية يكشف لنا ما يلي:
- أن الرسول أراد كتابة وصية تعصم الأمة من الضلال بعده وهو في مرض الموت وهذا يعني أن هذه الوصية ذات دلالات مستقبلية وسياسية فاصلة ومصيرية..
- أن الصحابة انقسموا في مواجهة طلب الرسول إلى قسمين:
قسم مؤيد لكتابة الوصية..
وقسم معارض لها..
القسم الأول يتزعمه علي والأنصار..
والقسم الثاني يتزعمه عمر والمهاجرين..
- أن الاتجاه المعارض رفع شعار حسبنا كتاب الله. وفي هذا إشارة إلى وجود القرآن كاملا ومجموعا. ومن جهة أخرى هو محاولة للتغطية على الوصية والتقليل من شانها..
- أن رفع هذا الشعار في مواجهة الرسول فيه تجاوز لحد الأدب معه ومساس بشخصه الكريم. إذ أن الرسول هو الذي أنزل عليه الكتاب فليس من اللائق أن ينبه إليه.
- أن الاتجاه المعارض لجا إلى الطعن في شخص الرسول كمحاولة لإثارة الاتجاه الآخر وجذبه نحو الصدام معه دفاعا عن الرسول لا عن الوصية مما أدى بالرسول إلى حسم الموقف ووقف الصدام بين الطرفين بدلا من الاصرار على كتابة الوصية وهو ما حدث عندما قرر الرسول طرد الجميع من غرفته..