كثرة الآلهة، ولو ذرعنا المنطقة من منف إلى أسوان وبحثنا في كل مركز من مراكز العبادة، لوجدنا كائنات إلهية تتخذ صور الأبقار والتماسيح والكباش والكلاب الوحشية واللبؤات والعجول، وكثيرا من المخلوقات الأخرى ويطلق عليها عادة أسماء شتى في مختلف المدن، ورغم أن الآلهة تبعا لبلادها كانت تختلف في الشكل وفي الاسم. إلا أنه توجد عدة دلائل على أن المعتقدات الدينية كانت موحدة في أذهان المصريين أكثر مما نظن من واقع اختلاف أشكال الآلهة وأسمائهم (1) ويجل جميع قدماء المصريين البقرة لأنها معطية اللبن ولأنها الأم السماوية للشمس كما يعتقدون، وأطلقوا على البقرة اسم (صخور) وكثيرا ما كانوا يبنون لها المعابد ويكرسون لها قطعانا كاملة من أخواتها، وكذلك للآلهة التي تتخذ صورة الثور (مثل: مونتو، ومين، وآمون) وللثيران التي تتجسد فيها الآلهة (مثل: منفيس، أبيس، هليوبوليس) (2).
والعجل أبيس له بصمات واضحة على العقيدة المصرية القديمة، فهو رمز الاخصاب. واعتقد المصريون أن العجل أبيس اقترن بإله منف (بتاح) واندمج في (أوزيريس) فتكون منهما إله جنائزي. ومنذ ذلك الوقت اتخذ موت العجل أبيس أهمية بالغة، فيدفن بجنازة رسمية وسط جمع من الكهنة وغيرهم الذين كانوا يحضرون له الهدايا من كافة أرجاء المملكة، وكانوا يعتقدون أن أبيس عندما يموت يعود فيولد من جديد، ولهذا كان الكهنة يبحثون عنه بمجرد أن يموت، ويتوجهون إلى الحقول ويفحصون القطعان للعثور على ذلك الإله الذي يمكن التعرف عليه بعلامات خاصة فوق جلده، وعندما يعثرون عليه يحل الفرح محل الحزن ويتوج العجل الإلهي في الحظيرة المقدسة بمنف. حيث يعيش