وأذلهم " (1) فالمسيرة تحت سقف الذلة، وبداية هذا السقف تبدأ من عند الذين عبدوا العجل أيام موسى وهارون عليهما السلام، وقال فيهم تعالى: * (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين) * (2). فالجزاء يقف تحت سقفه الذين اتخذوا العجل عند المقدمة، ثم المفترين الذين ساروا على طريقهم، ويقف تحته قتلة الأنبياء. وقال تعالى في الذين كفروا من بني إسرائيل * (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) * (3).
قال في الميزان: الذلة مضروبة عليهم كضرب السكة على الفلز، أو كضرب الخيمة على الإنسان، فهم مكتوب عليهم أو مسلط عليهم الذلة، قال تعالى في آية أخرى * (ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة) * (4) وقد كرر الله تعالى لفظ الحبل بالإضافة إلى الله وإلى الناس لاختلاف المعنى بالإضافة، فإنه من الله القضاء والحكم تكوينا أو تشريعا، ومن الناس البناء والعمل. والمراد بضرب الذلة عليهم القضاء التشريعي بذلتهم، والدليل على ذلك فوله تعالى: * (أينما ثقفوا) *.
وظاهر المعنى: أينما وجدهم الناس تسلطوا عليهم، والذلة التشريعية من آثارها الجزية إذا تسلط عليهم المؤمنون، ومعنى قوله تعالى: * (وباؤا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة) * باؤا: أي اتخذوا مباة ومكانا والمسكنة: أشد الفقر. والظاهر أن المسكنة: أن لا يجد الإنسان سبيلا (2) (3)