وبالجملة: أقام النبي (ص) الحجة في أول الطريق وانطلقت الحجة مع المسيرة حتى نهاية الطريق، وأمر النبي (ص) أمته أن تأخذ بحبل الله حتى لا يضلوا، وقال: ما من نبي بعثه الله عز وجل في أمة قبلي إلا له من أمته حواريون وأصحاب. يأخذون بسنته ويقتدون بأمره.
ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف. يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن. ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " (1)، وقال في الفتح الرباني: الحواريون هم خلصان الأنبياء وأصفيائهم. والخلصان هم الذين نقوا من كل عيب. وقيل: الخلصان هم الذين يصلحون للخلافة بعد الأنبياء (2).
لقد دافع الإسلام عن العلم، ولم يقاتل يوما من أجل الكرسي، وأمر الإسلام بالجهاد للإبقاء على الذروة التي تفيض بالعلم الإلهي ذروة كل العلوم وأشرف العلوم، لأن هؤلاء وحدهم هم الذين يحملون النور المحمدي، ذلك النور الذي يعتبر برزخا بين الناس وبين النور الإلهي.
الذي تندك له الجبال.
رابعا - العترة بين التحذير والابتلاء:
إن الله تعالى يمتحن الناس بالناس. قال تعالى: * (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) * (3) فدائرة الهدى على امتداد المسيرة البشرية، فتنة لسائر الناس يمتحنون بهم، فيميز بهم أهل الريب من أهل الإيمان، والمتبعون للأهواء من طلاب الحق الصابرين في طاعة