دامت السماوات والأرض، والآخر أسودا مربدا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. إلا ما أشرب في هواه " (1). وما زالت في بطن الغيب أحداث وأحداث، لا ينجو منها العالم إلا بعلمه، وفي بطن الغيب أحداث إذا جاءت لا ينفع نفسا إيمانها يومئذ، لأنها لم تبحث على امتداد الطريق، فأنتج ذلك عدم معرفة الحق على امتداد الطريق، ولما كان الحق عند هذه النفس يخضع لتحديد الأهواء، تسقط النفس في سلة الدجال التي تحتوي على جميع الأهواء، وما يستقبل الناس من آيات كبرى جاء في قوله تعالى: * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا. قل انتظروا إنا منتظرون) * (2). فالآية الكريمة بينت أن هناك آيات لا ينفع عند ظهورها إيمان، ومن لم يكن مصلحا يومئذ وأعلن توبته لم تقبل منه توبته، كما أن الله لا يقبل عملا صالحا من صاحبه إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك، ومن هذه الآيات: الدخان. والدابة. وخروج يأجوج ومأجوج. ونزول عيسى بن مريم. وخروج الدجال. وطلوع الشمس من مغربها (3).
وبالجملة: أخبر النبي (ص) بالغيب عن ربه جل وعلا، ليأخذ الناس بأسباب الهداية نحو ما يستقبلهم من أحداث ما زالت في بطن الغيب، والأخذ بالأسباب من الوسائل التي يمتحن الله تعالى بها عباده، وإخبار الرسول بالغيب هو في حقيقته دعوة للإيمان بالله، لأنه يأمر بالاستقامة، ويبين أن عدم الاستقامة يؤدي إلى كفران النعمة. ويفتح الطريق أمام الفتن، وكفران النعمة عقوبته سلب نعمة الهداية وعليها يأتي الهلاك، وطريق الفتن يلقي بأتباعه تحت أعلام الدجال، قال النبي (ص) " ما صنعت