فقبل ساعة الموت لا بد من الأخذ بأسباب البحث عن الحقيقة، ولا بد أن تكون فاتحة هذا البحث مستندة على مساند الفطرة. لأنه كما تكون البداية تكون النهاية. والله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون.
4 - [التقدم إلى الخلف] أخبر المسيح عليه السلام تلاميذه بأنهم سيضطهدون وسيطردون خارج المجامع. وإنه سيأتي وقت يظن فيه من يقتلهم أنه يؤدي خدمة لله (1) وفي آخر الدعوة قال المسيح لتلاميذه " حين أرسلتكم بلا صرة مال ولا كيس زاد ولا حذاء. هل احتجتم إلى شئ. فقالوا: لا فقال لهم: أما الآن فمن عنده صرة مال فليأخذها وكذلك من عنده حقيبة زاد. ومن ليس عنده فليبيع رداءه ويشتر سيفا " (2) لقد كان عليه السلام يعدهم للدفاع عن أنفسهم. وكما نزل الستار على أبناء هارون من بعد موسى وهارون. وهم الذين عينتهم الدعوة الإلهية لتفسير الشريعة، وكما ضاعت أصواتهم في ساحات الضوضاء والغوغاء فلم ترى معالمهم في السطور التي احتوتها الأصول، كذلك نزل الستار على تلاميذ المسيح عليه السلام من بعد رفع المسيح، وضاعت أصواتهم على موائد المجامع. ولم تكن لهم معالم في سطور القرارات التي أصدرتها المجامع عبر تاريخها. ولم يعرف من سيرة تلاميذ المسيح عليه السلام إلا ما أخبرت به الدعوة الإلهية الخاتمة. روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " كونوا كأصحاب عيسى. نصبوا على الخشب ونشروا بالمناشير. موت في طاعة خير من حياة في معصية " (3) وبعد اضطهاد الأصحاب جاء العصر الذي اضطهد فيه الأتباع