يديه، وقد علم أن المسيح لن يحول بينه وبين طلبه، لأنه جاء ليدعو الخطائين ويبحث عن الضالين ويقدم المعجزات ويوبخ الذين لم يؤمنوا مهما كان شأنهم، لأنه صادق ولا يبالي بأحد لأنه لا يراعي مقامات الناس. لأنه يعلم طريق الله بالحق، ولكن النصوص أوردت نتيجة اجتماع هيرودس بالمسيح بما لا تستقيم مع المقدمة، فهيرودس سأله في قضايا كثيرة. أما هو فلم يجبه عن شئ، ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يتهمونه بعنف. واحتقره هيرودس وجنوده وسخر منه، وهذا الموقف الذي دثره الصمت. لا يمكن أن يفهم إلا على أرضية شبيه المسيح، لأن الشبيه لا يملك أن يقدم آية. فالآيات لله يؤيد بها رسله وهم يقيمون الحجة على الناس، والمسيح عليه السلام أقام حجته ورفعه الله إلى السماء، وبعد المسيح عليه السلام اختبر الله تعالى القافلة الإسرائيلية الاختبار الذي يليق بخاتمة المسيرة، بعد أن ابتلعت العديد من الفتن على امتداد الطريق.
لقد جلس شبيه المسيح في دائرة الصمت الذي لا يضر، دائرة الصمت فيها والكلام محسوبان بدقة بالغة، حتى لا تنهار الدعوة من رأس. ولكن تفوق حجة الذين آمنوا على حجة الكافرين إلى يوم القيامة، وكان عزاء الشبيه وهو يتلقى من الناس الأذى والسخرية، أنه ينصر دين الله، ومن حوله صدى صوت المسيح عليه السلام عندما قال وهو يخاطب التلاميذ " طوبى لكم متى أهانكم الناس واضطهدوكم وقالوا فيكم من أجلي كل سوء كاذبين. افرحوا وتهللوا فإن مكافأتكم في السماوات عظيمة. فإنهم هكذا اضطهدوا الأنبياء من قبلكم " (1). والشبيه كان تحت جميع الضربات التي تم توجيهها إليه. متعلقا بالثواب الذي سيناله في الآخرة، فقد قال أمام الحاكم بيلاطس " ليست مملكتي من