البداية لم يتدبروا الأحداث وسخروا من المصلوب " وسخر منه أيضا رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ قائلين: خلص غيره أما نفسه فلا يقدر أن يخلص. أهو ملك إسرائيل. فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به " (1)، " وعلق بيلاطس لافتة على الصليب مكتوب عليها: يسوع الناصري ملك اليهود، فقرأ اللافتة كثيرون من اليهود.. فقال رؤساء كهنة اليهود لبيلاطس: لا تكتب ملك اليهود. بل إن هذا الإنسان قال أنا ملك اليهود.. " (2) وفي النهاية انطلق اليهود نحو طريق طويل. يعملون فيه من أجل ملك اليهود الذي يأتي آخر الزمان وتطرح له الأرض فطيرا وملابس من الصوف وقمحا حبه بقدر كلاوي الثيران الكبيرة. كما ذكر التلمود، وعندما بعث النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، تلى على أسماع الجميع حقيقة الأحداث. ومنه قوله تعالى: * (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله. وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم. وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا. بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما. وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمن به قبل موته. ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) * (3). قال المفسرون في قوله تعالى: * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمن به قبل موته) * قيل: أي قبل موت عيسى عليه السلام إذا نزل لقتل المسيح الدجال. وقيل: كل كتابي لا يموت إلا وعند احتضاره يتجلى له ما كان جاهلا به فيؤمن به. لكن لا يكون ذلك إيمانا نافعا له. لقوله تعالى في أول السورة: * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن) * (4).
(١٧٩)