من هذه النصوص نرى أن المقدمة لا تنسجم مع النتيجة، ونرى أن اختيار المسيح ليهوذا وإعطائه السلطة على طرد الشياطين منذ البداية. ثم اختراق الشيطان ليهوذا بعد ذلك، نرى أن هذا في حد ذاته يهدم قولهم بألوهية المسيح. لأن العلم ووضع الشئ في محله قد اهتز اهتزازا كبيرا في دائرة يهوذا الإسخريوطي في حياته الدنيا، وأن العدل قد اهتز اهتزازا كبيرا في دائرته في الحياة الأبدية، ولا ندري كيف يجلس يهوذا ضمن الاثني عشر تلميذا ليدين أسباط إسرائيل الاثني عشر على اختلافهم وتفرقهم من بعد ما جاءهم العلم، في الوقت الذي فيه يهوذا عمودا فقريا لاختلاف النصارى وتفرقهم بعد أن جاءهم العلم.
وإذا نظرنا في القرآن الكريم وتدبرنا آياته الكريمة، نجد أن الله تعالى امتدح الحواريون في أكثر من موضع، واعتبر شهادتهم حجة على المسيرة الإسرائيلية. وحاذى سبحانه بين قاعدة الحواريين وبين قاعدة الذين آمنوا في الدعوة الخاتمة على نبيها الصلاة والسلام، وفي آيات أخرى، ربط الحواريين والذين آمنوا في الدعوة الخاتمة برباط واحد هو رباط الشهادة لله.
أما المحاذاة بين الحواريين وبين الذين آمنوا. ففي قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله. قال الحواريون نحن أنصار الله) * (1). والمراد بنصرتهم لله. أن ينصر الذين آمنوا النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم. في سلوك السبيل الذي يسلكه إلى الله على بصيرة، ثم جاءت محاذاة الحاضر بالماضي في الدعوة الإلهية. فقال تعالى: * (كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله. قال الحواريون نحن أنصار الله) * ومعنى أن الحواريين أنصار الله. أي أنهم أنصارا لعيسى