ولما كان الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة. فإنه أقام الحجة على الذين شاهدوا شبيه المسيح على الصليب حتى لا يلتبس عليهم الأمر.
ويعتقدوا بأن الشبيه هو المسيح، فلقد أوجب تعالى على تفسير أن يبين لعباده ما يتقون. قال تعالى: * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) * (1). والمسيح عليه السلام وتلاميذه من بعده أقاموا الحجة على المسيرة أثناء الدعوة وعند ذروة الأحداث وبعدها. ثم بعث النبي الخاتم (ص) وبين للناس الذي هم فيه مختلفون.
ومن بين فرق النصارى يوجد من يعتقد بأن المسيح عليه السلام لم يصلب وإنما صلب رجل آخر شبه به. يقول بتراند راسل " كانت طائفة الدوسيين قد ذهبوا إلى أن المسيح لم يكن هو الذي صلب. بل بديل أشبه به. وقد ظهر رأي مماثل لذلك في الإسلام " (2).
وعند البحث عن القاعدة التي ينتسب إليها الشبيه الذي ألقي عليه شبه المسيح عليه السلام، لا نجد إلا قاعدتين لا ثالث لهما. إما أن يكون من الفريق الذي صد عن سبيل الله، وأما أن يكون من التلاميذ الذين أقروا بنصرتهم للمسيح وسلكوا السبيل الذي يسلكه إلى الله، فإذا افترضنا أن الشبيه ينتمي إلى الفريق الكافر بالدعوة. نجد أن هذا الافتراض يؤدي إلى هدم الدعوة من رأس، وذلك لأن الشبيه في هذه الحالة سيعلن على الذين أشرفوا على محاكمته وعلى الجموع بعد ذلك.
أنه ليس المسيح حتى يحاكموه ثم يصلبوه، وقد يستغل شيوخ اليهود هذا الاقرار. فيدمرون دعوة المسيح ويغرسون أعمدة دعوتهم على لسان الشبيه، ويترتب على ذلك فتنة الذين آمنوا بالمسيح وانتصار الباطل على الحق وهذا محال. لأن الرفع كان بقدرة العزيز الحكيم الذي له الحكمة