تعالى: * (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة " (1). قال المفسرون: المراد بالتوفي هنا النوم. كما قال تعالى * (وهو الذي يتوفاكم بالليل) * (2). وروي أن النبي (ص) كان يقول إذا قام من النوم " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا " (3). والمراد بالرفع إلى الله: أي رفعه إلى السماء. إذ لامكان لله من سنخ الأمكنة الجسمانية، والآية من قبيل قوله تعالى في ذيل الآية * (ثم إلي مرجعكم) *، فالمراد برفعه إليه: رفعه بروحه وجسده حيا إلى السماء لأنها محل نزول البركات وسكن الملائكة المكرمين، ومعنى قوله * (ومطهرك من الذين كفروا) * أي: إبعاده من الكفار وصونه عن مخالطتهم والوقوع في مجتمعهم المتقذر بقذارة الكفر والجحود، ومعنى قوله * (وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة) * فالمراد باتباعه: هو الاتباع على الحق. الاتباع المرضي لله سبحانه، وعلى ذلك يكون الذين اتبعوه هم الحواريين والمستقيمين من النصارى قبل ظهور الإسلام، كما أن المسلمين بعد ظهور الإسلام أتباعه على الحق. قال في الميزان: ومحصل الآية. أن متبعيك من النصارى والمسلمين ستفوق حجتهم على حجة الكافرين بك من اليهود إلى يوم ا لقيامة " (4).
فبعد هذا البيان الوافي الشافي. بدأ المسيح عليه السلام يحدث الجميع بما ستنتهي إليه الأحداث. وأخبرهم بأنهم لن يقدروا أن يتبعوه حيث يذهب. وقال لتلاميذه أنهم سيتبعوه فيما بعد. سيتبعوه بالحجة الدامغة التي تفوق حجة الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم يتبعوه في