مبالغة في تحقيره، ولم يفعل يهوذا شيئا سوى الصراخ " يا الله، لماذا تركتني؟
فإن المجرم قد نجا، أما أنا فأموت ظلما "!
الحق أقول إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه، بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة أنه هو يسوع، لذلك خرج بعضهم من تعليم يسوع، معتقدين أن يسوع كان نبيا كاذبا وأنه إنما فعل الآيات التي فعلها بصناعة السحر، لأن يسوع قال إنه لا يموت إلى وشك انقضاء العالم... فالذين ثبتوا راسخين في تعليم يسوع، حاق بهم الحزن إذ رأوا من يموت شبيها بيسوع كل الشبه حتى أنهم لم يذكروا ما قاله يسوع، وهكذا ذهبوا في صحبة أم يسوع إلى جبل الجمجمة، ولم يقتصروا على حضور موت يهوذا باكين، بل حصلوا بواسطة نيقوديموس ويوسف الأباريمثيائي من الوالي على جسد يهوذا ليدفنوه، فأنزلوه من ثم عن الصليب ببكاء لا يصدر عن أحد، ودفنوه في القبر الجديد ليوسف، بعد أن ضمخوه بمائة رطل من الطيوب، ورجع كل إلى بيته، ومضى الذي يكتب ويوحنا ويعقوب أخوه مع أم يسوع إلى الناصرة، أما التلاميذ الذين لم يخافوا الله، فذهبوا ليلا وسرقوا جسد يهوذا وخبأوه وأشاعوا أن يسوع قام، فحدث بسبب هذا اضطراب، فأمر رئيس الكهنة أن لا يتكلم أحد عن يسوع الناصري وإلا كان تحت عقوبة الحرم، فحصل اضطهاد عظيم، فرجم وضرب ونفي من البلاد كثيرون، لأنهم لم يلازموا الصمت في هذا الأمر، وبلغ الخبر الناصرة، كيف أن يسوع أحد أهالي مدينتهم، قام بعد أن مات على الصليب، فضرع الذي يكتب إلى أم يسوع أن ترضى فتكف عن البكاء، لأن ابنها قام، فلما سمعت العذراء مريم هذا، قالت باكية " لنذهب إلى أورشليم، لننشد ابني، فإني إذا رأيته مت قريرة العين (1) "!