الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٠٦
فصار شبها بيسوع، حتى أننا اعتقدنا أنه يسوع، أما هو فبعد أن أيقظنا، أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم، لذلك تعجبنا وأجبنا: " أنت يا سيد هو معلمنا، أنسيتنا الآن "، أما هو فقال مبتسما: " هل أنتم أغبياء حتى لا تعرفون يهوذا الإسخريوطي "، وبينما كان يقول هذا، دخلت الجنود وألقوا أيديهم على يهوذا، لأنه كان شبيها بيسوع من كل وجه، أما نحن فلما سمعنا قول يهوذا، ورأينا جمهور الجند، هربنا كالمجانين، ويوحنا الذي كان ملتفا بملحفة من الكتان، استيقظ وهرب، ولما أمسكه جندي بملحفة الكنان، ترك ملحفة الكنان وهرب عريانا، لأن الله سمع دعاء يسوع وخلص الأحد عشر من الشر!
فأخذ الجنود يهوذا وأوثقوه، ساخرين منه، لأنه أنكر وهو صادق أنه هو يسوع، فقال الجنود مستهزئين به: يا سيد لا تخف، لأننا قد أتينا، فنجعلك ملكا على إسرائيل وإنما أوثقناك لأننا نعلم أنك ترفض المملكة "، أجاب يهوذا: " لعلكم جننتم... أفتوثقوني أنا الذي أرشدتكم، لتجعلوني ملكا؟! "، حينئذ خان الجنود صبرهم وشرعوا يمتهنون يهوذا بضربات ورفسات، وقادوه بحنق إلى أورشليم، وتبع يوحنا وبطرس الجنود عن بعد، وأكدا للذي يكتب أنهما شاهدا كل التحري الذي تحراه بشأن يهوذا رئيس الكهنة ومجلس الفريسيين الذين اجتمعوا ليقتلوا يسوع، فتكلم من ثم يهوذا كلمات جنون كثيرة، حتى أن كل واحد أغرب في الضحك، معتقدا أنه بالحقيقة يسوع، وأنه يتظاهر بالجنون خوفا من الموت، لذلك عصب الكتبة عينيه بعصابة، وقالوا مستهزئين: " يا يسوع نبي الناصريين - لأنهم هكذا كانوا يدعون المؤمنين بيسوع - قل لنا من ضربك، ولطموه وبصقوا في وجهه...
ولما أصبح الصباح، التأم المجلس الكبير لكتبة وشيوخ الشعب.. وإن رؤساء الكهنة اعتقدوا أن يهوذا يسوع، بل إن التلاميذ كلهم مع الذي يكتب اعتقدوا ذلك، بل أكثر من ذلك أن أم يسوع العذراء المسكينة مع أقاربه وأصدقائه، اعتقدوا ذلك، حتى أن حزن كل واحد كان يفوق التصديق، لعمر الله إن الذي يكتب نسي كل ما قاله يسوع من أنه يرفع إلى العالم وأن شخصا آخر سيعذب باسمه، وأنه لا يموت إلى وشك نهاية العالم، ولذلك ذهب الذي يكتب مع أم يسوع ومع يوحنا إلى الصليب...
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»