ذلك التعليم!
وأما ما ذكرته من احتجاجك للتثليث بأوهامك من كتبك، فهو اللائق بمن لم يرتض العقل والمعقول، ولم يرتدع برادع الامتناع، وإنك - عافاك الله - إذ جانبت العقل والمعقول والوجدان والاعتبار بالإمكان والامتناع، كان عليك أن تتشبث أقلا بكتب جامعة لصفات الحجة:
الصفة الأولى: كونها معلومة النسبة لمصدرها الذي تدعى به.
الثانية، كونها سالمة من تلاعب التحريف والتبديل، ومداومة الأيام والأهواء على إكرامها وتحسينها بالزيادة والنقصان.
الثالثة، أن لا يكون بعضها شاهدا على بعضها بالتحريف.
الرابعة، أن لا تكون - بنفسها - شاهدة على أن نسختها الوحيدة - في بعض الأزمنة - كانت كتابة جاهل لا يعرف الكتابة ومواقع الحروف، بل يقوم ويقع في الغلط الذي يمسخ المعاني مسخا واضحا، ويظهر عليه زيادة الحرف المغير للمعنى ونقصانه، وتبادل الحروف وزيادة الكلمات ونقصانها، وقد فضحها بذلك متبعوها حرصا على تدارك فارط الأيام وتقلبات الأحوال بالتلاعب فيها، فأكرموا وحدتها بأن تداولوها على صورتها المشوهة وغلطها الفاضح، وصاروا يصححون في حاشيتها ما يتضح غلطه فيها، ثم جاء المترجمون وأعرضوا عن صورتها واتبعوا في تراجمهم تصحيح الحواشي، الذي أوضحته القرائن القطعية - وفي خصوص أسفار التوراة الخمسة - من جميع أنواع هذه الأغلاط ما يزيد