هذا ما أعلمه - هداك الله - من مناجاة العقل ومطارحته، فماذا ترى لي من الجواب؟!
أفأقول في جوابه: دع عنك هذا (فإن الله استحسن أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة)! كلا ثم كلا، لا أعشو عن نوره، ولا أضل عن هداه، ولا أتصامم عن دعوته، وما توفيقي إلا بالله.
واعلم - هداك الله - أن الاهتداء بهدى العقل والخضوع لسلطانه هو ناموس الحرية، وأن اتباع الهوى ومكابرة العقل هي العبودية الخسيسة، ولو أنك اهتديت بأوليات العقل وبديهياته، فضلا عن نظريايته، لوضح لك الحق اليقين، وسلكت في جادة الصواب، وأوصلك الجهاد في الله إلى حقيقة العرفان، والدين القيم، فأصبحت واحدا من المسلمين، لك ما لهم وعليك ما عليهم، ولكنك إذا مننت عليهم بإسلامك تلوا عليك قول الله جل اسمه: ﴿يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين﴾ (3).
[1] وأما قولك: (إن العقل يرجع بي من نصف الطريق إلى سذاجة التوحيد).
فإن العقل ليقول في جوابك فيه: عافاك الله، وهل ترى لي عن هذه الحقيقة معدلا؟! أو أجد إلى غيرها سبيلا؟! وهي التي عليها فطرت وعليها جبل هداي.. ولئن تخطاها الهوى برغمي، فلا أظن بغير عواصفه الوبية أن يجمع بين ظلمة الشرك ووخامة التناقض، بدعوى كون