القضاء فيها للامتناع، فلذلك كان المركز السياسي لهم أن يقاوموا سلطاني في أمر الدين، حتى جاهر داعيهم فقال غير مبال: (لا بشر لا بحكمة كلام، استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة، لأن جهالة الله أحكم من الناس) (1) تعالى الله إله الحق الواحد الأحد عن ذلك.
كل ذلك ليتمرد علي في أمر الدين من لم يزل متمتعا في أمور دنياه بحسن رعايتي، خاضعا فيها لسياستي، منقادا في تجارته وأموره لحكمي الأولي بأن الواحد لا يكون ثلاثة، والثلاثة لا تكون واحدا.
فهل تقدر أن تغالطه في المعاملة فتدفع إليه واحدا بدل ثلاثة، أو تأخذ منه ثلاثة بدل واحد، أو يقول لك: كلا، ما أنا بمجنون؟!
ولئن غالطتهم الأهواء بالاعتلال علي بوقوفي عن حقيقة الروح التي استأثر خالقها بالعلم بها، فهل يخفى على أحد أني ممكن مخلوق، منحني الله أشياء وحجبني بحكمته بحكمته عن أشياء؟! فهل يحجبني البشر عما منحني ربي لأجل وقوفي عما حجبني عنه؟!
كيف، وإن الرسول الظاهر مهما كان فهو محجوب أيضا عن أشياء كثيرة، فكيف يسمع منه؟!
بل إن من يزعمونه أقنوم الابن الحالة عليه روح القدس، ويسمونه الإله المتجسد (لا يعلم بساعة القيامة، ولا يعلم بها إلا الله، ليس الأقانيم الثلاثة، بل أقنوم الأب وحده) (2).