صوت الحق ودعوة الصدق - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ١١
يلتقيان كل يوم وكل آن، ويتجاوبان (1)، ويعرض كل وحد منهما مذهبه على الآخر، ويتفاهمان ثم يخرجان بنتيجة مقنعة، وهي أن الأسس التي تدعو
(١) لا يخفى عليك أيها القارئ العزيز إن كتاب الشيعة لم يحاولوا قط إبعاد أبناء الشيعة عن معرفة آراء المذاهب الأخرى لا سيما أهل السنة فهم كانوا منذ بداية بحوثهم العلمية الإسلامية وتعليمات وشروعهم في التصنيف والتأليف كانوا مهتمين بمعرفة جوهر آراء غيرهم، وحقية مذاهبهم في الأصول والفروع.
فلم يعرضوا قط عن كتاب علم وبحث لأن مؤلفه سني، ولم يمنعوا طائفتهم عن مطالعة مؤلفات غيرهم من طوائف المسلمين، وعلمائها وكتبهم في الأصول، والفقه وفي المسائل الخلافية بين المسلمين تشهد بذلك كما تشهد بأمانتهم، وعلمهم الواسع بالمذهب فنراهم يذكرون في كتبهم في الأصول والفقه، والتفسير وغيرها أدلة أهل كل مذهب ثم يناقشون بكل إنصاف وتبحر وعلى ضوء الكتاب والسنة.
وفي هذا العصر لا تجد في مدينة قم المشرفة، وجامعتها الإسلامية الكبرى وفي سائر البلاد والمدن الشيعية مكتبة عامة إلا وهي مشحونة بمؤلفات أهل السنة في مختلف العلوم وهي في متناول الجميع يراجعها تلامذة الجامعة بكل حرية من غير أن يكون لهم غرض إلا الأخذ بالرأي الصحيح الأوفق بالكتاب والسنة.
فلا يشتبه على أحد منهم شئ من آراء المسلمين ومذاهبهم لقلة المصادر فضلا من أن يتعمد ذلك ويأتي بالزور والبهتان كما يشتبه على الكاتب السني لقلة مصادره، ولاعتماده على أفائك الأولين وما نسجته أيدي السياسات الجائرة في ذلك.
فترى مثل الأستاذ عبد الكريم الخطيب مع ما كتب حول المعارف الإسلامية يعتمد في كتابه (الله ذاتا وموضوعا) فيما ينقل عن الشيعة وهم أرقى الطوائف الإسلامية. وأعمقهم تفكيرا في المعارف الإلهية على الملل والنحل للشهرستاني الكتاب المملوء بالخرافات والاشتباهات.
فيسنده إلى الشيعة للقول بالحلول والتناسخ، والتجسيد، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولا يذكر عن آرائهم وعقائدهم الإسلامية التي بنوها على الأدلة العقلية والنقلية شيئا، فكأنه لم يكن عنده من كتب الشيعة في الكلام والفلسفة كتاب أو لم يرد أن يراجع هذه الكتب لأن ما فيها يكذب ما في مثل (الملل والنحل) وثبت جلالة شأن الشيعة، ورقعة منزلتها في العلوم الإلهية والمعارف الحقيقية الإسلامية.