مما يشر إلى أنهم تحلوا بشئ من الأدب حيث لم يقطعوا بكذبه حسب ما نوحي به عبارتهم. فكيف يجوز للمؤمن الذي يأخذ بأدب الله أن يحكم على أخ له في الله أو على طائفة كبيرة من إخوانه المسلمين بالكفر أو الفسق يتهمهم بما لا يقولون به، وما عذره عند الله تعالى إن كفر مسلما بما لا يوجب الكفر أو استعمل فيما رده عليه أسلوب الشتائم، والفحش إلى جانب الافتراء والبهتان اللذين يؤديان إلى إثارة الضغائن، ويحولان دون ظهور الحق، وانكشاف الواقع.
فالباحث النزيه إذن لا يجوز لنفسه - إن لم يكن في قلبه مرض - أن ينحرف عن النهج الإلهي في حواره ومناقشاته مع الآخرين، ويتبع عوضا عن ذلك أسلوب الشتائم، والدس، والضغينة، والتهريج بالباطل حين يؤدي به الأمر إلى أن يحكم على طائفة لعلها الكبرى بين طوائف المسلمين، لعلمائها وأدبائها على امتداد التاريخ عشرات الألوف من المؤلفات في مختلف الموضوعات، والعلوم الإسلامية عقيدة ونظاما أن يحكم على مثل هذه الطائفة ومن خلال أخبار آحاد شاذة أهملها العلماء، والمحققون، وأساطين علم الحديث لعدم الاعتماد عليها. والأخذ بها، وإيمانهم بكذبها فيتهم هذه الطائفة - نتيجة أخذه بشواذ الأخبار هذه - بما هي بريئة منه، ويرميها بالآراء والأقوال الشاذة.
وإنما لنستعيذ بالله إذا كان بين المنتحلين للعلم، والكتابة من لا يحمل سلاحا للدفاع عن آرائه إلا الشتم والافتراء المغالطة، والقول بغير علم بل على خلاف العلم وكأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى:
" إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ".