المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٨٩
يطلب منه الدعاء والشفاعة، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء؛ فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي (ص)، ولا فعلها الصحابة لا عند قبر النبي (ص) ولا عند غيره، وهي من جنس الشرك وأسباب الشرك.
ولو قصد الصلاة عند قبور الأنبياء والصالحين من غير أن يقصد دعاءهم والدعاء عندهم، مثل أن يتخذ قبورهم مساجد؛ لكان ذلك محرما منهيا عنه، ولكان صاحبه متعرضا لغضب الله ولعنته؛ كما قال النبي (ص): «اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، وقال: «قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا (1)، وقال: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك» (2).
فإذا كان هذا محرما وهو سبب لسخط الرب ولعنته؛ فكيف بمن يقصد دعاء الميت والدعاء عنده وبه، واعتقد أن ذلك من أسباب إجابة الدعوات ونيل الطلبات وقضاء الحاجات؟! وهذا كان أول أسباب الشرك في قوم نوح وعبادة الأوثان في الناس، قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، ثم ظهر الشرك بسبب تعظيم قبور صالحيهم» (3)

(1) رواه البخاري في (الصلاة، باب الصلاة في البيعة، رقم 436، 437)، ومسلم في (المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، رقم 530، 531، 532)؛ عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وعند بعضهم: «لعن الله اليهود والنصارى...».
(2) رواه مسلم في (المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، رقم 532) من حديث جندب رضي الله عنه.
(3) «مجموع الفتاوى» (1 / 165 - 167).
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»