المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٨٨
وكان يزور قبور أهل البقيع والشهداء بأحد ويعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم» (1)...
والأحاديث في ذلك صحيحة ومعروفة؛ فهذه الزيارة لقبور المؤمنين مقصودها الدعاء لهم.
وهذه غير الزيارة المشتركة التي تجوز في قبور الكفار، كما ثبت في «صحيح مسلم» وأبي داود والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة؛ أنه قال: أتى رسول الله (ص) قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، ثم قال: «استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، فاستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي؛ فزوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة» (2)؛ فهذه الزيارة التي تنفع في تذكير الموت تشرع ولو كان المقبور كافرا، بخلاف الزيارة التي يقصد بها الدعاء للميت؛ فتلك لا تشرع إلا في حق المؤمنين.
وأما الزيارة البدعية؛ فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج، أو

(1) رواه بنحوه مسلم في (الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، رقم 974، 975) من حديث عائشة رضي الله عنها؛ دون قوله: «اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم».
(2) رواه مسلم في (الجنائز، باب استئذان النبي ربه عز وجل بزيارة قبر أمه، رقم 976) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»