المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٠٠
تمثل الجن بالإنس ومن ذلك تمثلهم بابن تيمية نفسه (وقد يأمر الملك بعض الناس بأمر ويستكتمه إياه، فيخرج فيرى الناس يتحدثون به؛ فإن الجن تسمعه وتخبر به الناس، والذين يستخدمون الجن في المباحات يشبه استخدام سليمان، لكن أعطي ملكا لا ينبغي لأحد بعده وسخرت له الإنس والجن، وهذا لم يحصل لغيره، والنبي (ص) لما تفلت عليه العفريت ليقطع عليه صلاته؛ قال: «فأخذته، فذعته حتى سال لعابه على يدي، وأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد، ثم ذكرت دعوة أخي سليمان فأرسلته» (1)؛ فلم يستخدم الجن أصلا، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله، وقرأ عليهم القرآن، وبلغهم الرسالة، وبايعهم كما فعل بالإنس.
والذي أوتيه (ص) أعظم مما أوتيه سليمان؛ فإنه استعمل الجن والإنس في عبادة الله وحده وسعادتهم في الدنيا والآخرة، لا لغرض يرجع إليه إلا ابتغاء وجه الله وطلب مرضاته، واختار أن يكون عبدا رسولا على أن يكون نبيا ملكا؛ فداود وسليمان ويوسف أنبياء ملوك، وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد رسل عبيد؛ فهو أفضل، كفضل السابقين المقربين على الأبرار أصحاب

(١) رواه بنحوه البخاري في (الصلاة، باب الأسير والغريم يربط في المسجد، ٤٦١، وفي أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب}، ٣٤٢٣، وفي تفسير القرآن، باب قوله: {وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}، 4808)، ومسلم في (المساجد، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة، 541)؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»