المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣١٩
وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين: أحدهما في ناحية الشمال، والآخر في ناحية الجنوب.
قال: ويدل على ذلك أن الكواكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلا على ترتيب واحد في حركاتها ومقادير أجزائها إلى أن تتوسط السماء، ثم تنحدر على ذلك الترتيب كأنها ثابتة في كرة تديرها جميعها دورا واحدا.
قال: وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة.
قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب.
قال: فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء كالنقطة في الدائرة، يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحي السماء على قدر واحد، فيدل ذلك على بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد، فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء.
وقد يظن بعض الناس أن ما جاءت به الآثار النبوية من أن العرش سقف الجنة وأن الله على عرشه مع ما دلت عليه من أن الأفلاك مستديرة متناقض أو مقتض أن يكون الله تحت بعض خلقه، كما احتج بعض الجهمية على إنكار أن يكون الله فوق العرش باستدارة الأفلاك، وأن ذلك مستلزم كون الرب أسفل، وهذا من غلطهم في تصور الأمر، ومن علم أن الأفلاك مستديرة وأن المحيط الذي هو السقف هو أعلى عليين، وإن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه - وهو قعر الأرض - هو «سجين» «وأسفل سافلين»؛ علم من مقابلة الله بين أعلى عليين وبين سجين، مع أن المقابلة إنما تكون في الظاهر بين العلو والسفل أو بين السعة والضيق، وذلك لأن العلو مستلزم للسعة والضيق
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»