المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣١٥
الذين أدخلوا في ملتهم وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله.
فلهذا ذكرنا ما ذكرناه؛ حفظا لهذا الدين عن إدخال المفسدين، فإن هذا مما يخاف تغييره، فإنه قد كانت العرب في جاهليتها قد غيرت ملة إبراهيم بالنسيء الذي ابتدعته، فزادت به في السنة شهرا جعلتها كبيسا لأغراض لهم، وغيروا به ميقات الحج والأشهر الحرم حتى كانوا يحجون تارة في المحرم وتارة في صفر، حتى يعود الحج إلى ذي الحجة؛ حتى بعث الله المقيم لملة إبراهيم، فوافى حجه (ص) حجة الوداع، وقد استدار الزمان كما كان، ووقعت حجته في ذي الحجة، فقال في خطبته المشهورة في «الصحيحين» وغيرهما: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض: السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب مضر بين جمادى وشعبان» (1)، وكان قبل ذلك الحج لا يقع في ذي الحجة، حتى حجة أبي بكر سنة تسع كان في ذي القعدة، وهذا من أسباب تأخير النبي (ص) الحج، وأنزل الله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم} (2).
فأخبر الله أن هذا هو الدين القيم؛ ليبين أن ما سواه من أمر النسيء وغيره من عادات الأمم ليس قيما لما يدخله من الانحراف والاضطراب.
ونظير الشهر والسنة اليوم والأسبوع؛ فإن اليوم طبيعي من طلوع الشمس إلى غروبها، وأما الأسبوع؛ فهو عددي من أجل الأيام الستة التي خلق
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»