المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣١٤
طريقة الإسلام في حساب السنة والشهر والأسبوع واليوم أقوم طريقة (... وأما الحول؛ فلم يكن له حد ظاهر في السماء، فكان لا بد فيه من الحساب والعدد، فكان عدد الشهور الهلالية أظهر وأعم من أن يحسب بسير الشمس وتكون السنة مطابقة للشهور؛ ولأن السنين إذا اجتمعت فلا بد من عددها في عادة جميع الأمم؛ إذ ليس للسنين إذا تعددت حد سماوي يعرف به عددها، فكان عدد الشهور موافقا لعدد البروج، جعلت السنة اثني عشر شهرا بعدد البروج التي تكمل بدور الشمس فيها سنة شمسية، فإذا دار القمر فيها كمل دورته السنوية، وبهذا كله يتبين معنى قوله: {وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} (1)؛ فإن عدد شهور السنة وعدد السنة بعد السنة إنما أصله بتقدير القمر منازل، وكذلك معرفة الحساب؛ فإن حساب بعض الشهور لما يقع فيه من الآجال ونحوها إنما يكون بالهلال، وكذلك قوله تعالى: {قل هي مواقيت للناس والحج} (2).
فظهر بما ذكرناه أنه بالهلال يكون توقيت الشهر والسنة، وأنه ليس شيء يقوم مقام الهلال البتة لظهوره وظهور العدد المبني عليه وتيسر ذلك وعمومه، وغير ذلك من المصالح الخالية عن المفاسد.
ومن عرف ما دخل على أهل الكتابين والصابئين والمجوس وغيرهم في أعيادهم وعباداتهم وتواريخهم وغير ذلك من أمورهم من الاضطراب والحرج وغير ذلك من المفاسد ازداد شكره على نعمة الإسلام، مع اتفاقهم أن الأنبياء لم يشرعوا شيئا من ذلك، وإنما دخل عليهم ذلك من جهة المتفلسفة الصابئة

(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»