المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣٣
غيره، وامتاز بعضها بأن الله يحبه ويرضاه ويصطفيه ويقربه إليه ويأمر به أو يعظمه ويحبه؛ فهذه الإضافة يختص بها بعض المخلوقات؛ كإضافة البيت والناقة والروح وعباد الله من هذا الباب...
وهذا الأصل الذي ذكرناه من الفرق فيما يضاف إلى الله بين صفاته وبين مملوكاته أصل عظيم ضل فيه كثير من أهل الأرض من أهل الملل كلهم؛ فإن كتب الأنبياء (التوراة، والإنجيل، والقرآن، وغيرها) أضافت إلى الله أشياء على هذا الوجه وأشياء على هذا الوجه، فاختلف الناس في هذه الإضافة:
فقالت المعطلة نفاة الصفات من أهل الملل: إن الجميع إضافة ملك، وليس لله حياة قائمة به، ولا علم قائم به، ولا قدرة قائمة به، ولا كلام قائم به، ولا حب ولا بغض، ولا غضب ولا رضى، بل جميع ذلك مخلوق من مخلوقاته، وهذا أول ما ابتدعته في الإسلام الجهمية، وإنما ابتدعوه بعد انقراض عصر الصحابة وأكابر التابعين لهم بإحسان...
وقالت الحلولية: بل ما يضاف إلى الله قد يكون هو صفة له وإن كان بائنا عنه. بل قالوا: هو قديم أزلي؛ فقالوا: روح الله قديمة أزلية صفة لله، حتى قال كثير منهم: إن أرواح بني آدم قديمة أزلية وصفة لله، وقالوا: إن ما يسمعه الناس من أصوات القراء ومداد المصاحف قديم أزلي وهو صفة لله. وقال حذاق هؤلاء: بل غضبه ورضاه وحبه وبغضه وإرادته لما يخلقه قديم أزلي، وهو صفة الله وكلامه الذي سمعه موسى قديم أزلي، وأنه لم يزل راضيا محبا لمن علم أنه يطيعه قبل أن يخلق، ولم يزل غضبانا ساخطا على من علم أنه يكفر قبل أن يخلق، ولم يزل ولا يزال قائلا: يا آدم، يا نوح، يا إبراهيم؛ قبل أن يوجدوا وبعد موتهم، ولم يزل ولا يزال يقول: يا معشر الجن والإنس قبل أن يخلقوا وبعد ما يدخلون الجنة والنار.
وأما سلف المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»