هذي هي الوهابية - محمد جواد مغنية - الصفحة ١١٨
الإسلام، ثم يعرضه عليهم، أو يأمرهم بالتعلم، حتى يبلغوا درجة الاجتهاد، ويستطيعوا استنباط التوحيد من كلمة لا إله إلا الله، تماما كما هو الحال بالقياس إلى استخراج الأحكام الفرعية الشرعية من أدلتها التفصيلية، مع العلم بأنه لا شئ من ذلك، وهذا دليل قاطع على فساد ما قاله الوهابية من أن كلمة الشهادة لا تنفع، والإيمان بها لا يجدي بدون قيودها الكبار الثقال التي لا يفهمها إلا الخلص.
وبديهة أن الأصول الإسلامية ترتكز على الفطرة النقية الصافية الضرورية التي تشترك في معرفتها البشرية على السواء.. وبهذا يتبين أن كل ما أضافه الوهابية إلى معنى التوحيد، وملأوا به الكتب والطوامير إنما هو بدعة وضلالة، وأن البدع التي نعتوا بها أمة محمد هم بها أولى، وهي بهم ألصق ولايق. العبادة أما عبادة الله سبحانه فقد حددت على لسان نبيه الأكرم تحديدا يستحيل تفسيره تفسيرا صحيحا بغير الوحي، حيث بلغ من الضبط والدقة مبلغا لا يصل إليه عقل نافذ، ولا فكر ثاقب، ولا مثالي ولا واقعي. وتعال معي، وقف وتأمل وفكر طويلا في هذا الرسم العجيب، فهل تجد له تفسيرا بغير قدرة عظيمة وراء هذا الكون، لا تشبهه في شئ، ولا يشبهها في شئ، فلقد اختطت هذه القدرة لكل عاقل بالغ أن ينهض من فراشه بعد طلوع الفجر، وقبل بزوغ الشمس،
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»