أنه قال " أوجى الله تعالى إلى عيسى صلوات الله على نبينا وعليه وسلامه: يا عيسى آمن بمحمد ومر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به، فلو لا محمد ما خلقت آدم، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار، ولقد خلقت العرش على المساء فاضطرب، فكتبت عليه:
لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن " فكيف لا يتشفع ومتوسل بمن له هذا الجاه الوسيع والقدر المنيع عند سيده ومولاه المنعم عليه بما حباه به وأولاه انتهى كلام ابن حجر.
وقال الإمام السبكي بعد ذكر حديث آدم الذي فيه " أسألك بحق محمد لما غفرت لي " وقول الله تعالى له " وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك " الحديث، هو حديث صحيح الإسناد رواه الحاكم. قال وذكر معه الحاكم حديث ابن عباس أوحى الله إلى عيسى الخ. وقال الحاكم هذا حديث حسن صحيح الإسناد.
قال الإمام السبكي بعد ما ذكر، وأما ما ورد من توسل نوع وإبراهيم وغيرهما من الأنبياء فذكره المفسرون واكتفينا عنه بهذا الحديث لجودته وتصحيح الحاكم له، وعبارة ابن حجر السابقة وإن كانت كافية وافية فلا بأس من ذكر بعض ما ذكره الإمام السبكي وإن تكرر بعضه مع ما تقدم عن ابن حجر رحمهم الله تعالى لأنه نقل كثيرا من عباراته وإن لم بنسب بعضها إليه.
قال الإمام السبكي: اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين، والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم جائز في كل حال قبل خلقه وبعده في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة، وهو على ثلاثة أنواع: أن يتوسل به صلى الله عليه وسلم بمعنى أن طالب الحاجة يسأل الله تعالى به أو بجاهه أو ببركته، فيجوز ذلك في الأحوال الثلاثة، وقد ورد في كل منها خبر صحيح، ولا فرق في المعنى بين أن يعبر عنه بلفظ التوسل أو الاستغاثة أو التشفع والداعي بذلك متوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جعله وسيلة لإجابة الله دعاءه ومستغيث به صلى الله عليه وسلم لأنه استغاث الله تعالى به صلى الله عليه وسلم على ما يقصده " ومستشفع به صلى الله عليه وسلم لأنه سأل الله بجاهه صلى الله عليه وسلم، والمقصود جواز أن يسأل العبد الله تعالى بمن يقطع أن له عند الله تعالى قدرا ومرتبة، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم له عند الله تعالى قدر على ومرتبة رفيعة وجاه عظيم، وفي العادة أن من كان له عند الشخص قدر بحيث إنه إذا شفع عنده قبل شفاعته، فإذا