قال الإمام فخر الدين الرازي في المطالب في الفصل الثالث عشر في بيان كيفية الانتفاع بزيارة القبور والموتى: إن الإنسان إذا ذهب إلى قبر إنسان قوي النفس كامل الجواهر ووقف هناك ساعة وحصل تأثير في نفسه حين حصل من الزائر تعلق بزيارة تلك التربة.
فلا يخفى أن لنفس ذلك الميت تعلقا بتلك التربة أيضا، فحينئذ يحصل لنفس الزائر الحي ولنفس ذلك الإنسان الميت ملاقاة بسبب إجماعهما على تلك التربة، فصار هاتان النفسان شبيهتين بمرآتين صقيلتين متقابلتين بحيث ينعكس الشعاع من كل واحدة منهما إلى الأخرى، فكل ما حصل في نفس هذا الزائر الحي في المعارف والبراهين والعلوم الكسبية والأخلاق الفاضلة من الخشوع لله تعالى والرضا بقضاء الله تعالى ينعكس منه نور إلى روح ذلك الإنسان الميت، وكل ما حصل في ذلك الإنسان الميت من العلوم المشرقة والآثار القوية الكاملة ينعكس من نور إلى روح هذا الحي الزائر، وبهذه الطريقة تصير تلك الزيارة سببا لحصول تلك المنفعة الكبرى والبهجة العظمى لروح هذا الزائر، فهذا هو السبب والأصل في مشروعية الزيارة، ولا يبعد أن يحصل منها أسرار أخرى أدق وأخفى مما ذكرنا، وتمام الحقائق ليس إلا عند الله تعالى انتهى كلام الرازي.
قال الشيخ أبو المواهب: قال بعض العارفين: وللأولياء عند زيارة الأولياء وقائع كثيرة تدل على اعتناء المزور بالزائر وتوجهه إليه بالكلية على قدر توجهه وقابليته، انتهى ما نقلته من [تقريب الأصول] للسيد أحمد دحلان رحمه الله تعالى.
الباب الثالث في نقل كلام الإمام العلامة ناصر السنة في هذا الزمان سيدي السيد أحمد دحلان مفتي الشافعية في مكة المشرفة في كتابه [خلاصة الكلام: في بيان أمراء البلد الحرام] وله كتاب مستقل في الرد على الوهابية، ولكن كلامه في الكتاب المذكور كاف واف شاف، وها أنا أنقله برمته وإن تكرر بعضه مع ما تقدم في الباب الأول والثاني، وهو جامع لكل ما يلزم ذكره في هذا الشأن من إثبات الحق ودحض الأباطيل، ورد شبههم بأوضح بيان وأقوى دليل.
قال رحمه الله تعالى: ذكر الشبه التي تمسك بها الوهابية: ينبغي أولا أن نذكر الشبهات التي تمسك بها ابن عبد الوهاب في إضلال العباد; ثم نذكر الرد عليه ببيان أن