" أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ادع الله أن يعافيني، فقال إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير، قال فادعه، فأمره أن يتوضأ فليحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى اللهم شفعه في فعاد وقد أبصر ".
وفي رواية قال ابن حنيف " فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط " وخرج هذا الحديث أيضا البخاري في تاريخه وابن ماجة والحاكم في المستدرك بإسناد صحيح، وذكره الجلال السيوطي في الجامع الكبير والصغير، ففي هذا الحديث والتوسل والنداء، وابن عبد الوهاب يمنع كلا منهما ويحكم بكفر من فعل ذلك، وليس لابن عبد الوهاب أن يقول إن هذا إنما كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الدعاء استعملته أيضا الصحابة والتابعون بعدو فإنه صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم.
فقد روى الطبراني والبيهقي " أن رجلا كان يختلف إلى عثمان رضي الله عنه في زمن خلافته في حاجة فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له ائت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك لتقضى حاجتي وتذكر حاجتك، فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان رضي الله عنه، فجاءه البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه، وقال اذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها، ثم قال له ما كان لك من حاجة فاذكرها، ثم خرج من عنده فلقى ابن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي حتى كلمته لي، فقال ابن حنيف والله ما كلمته ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره " إلى آخر الحديث المتقدم، فهذا توسل ونداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
وروى البيهقي وابن أبي شيبة بإسناد صحيح " أن الناس أصابهم قحط في خلافة عمر رضي الله عنه فجاء بلال بن الحارث رضي الله عنه قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأخبره أنهم يسقون " وليس الاستدلال بالرؤيا للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن رؤياه وإن كان حقا لكن لا تثبت بها الأحكام لإمكان اشتباه الكلام على الرائي لا لشك في الرؤيا.
وإنما الاستدلال بفعل بلال بن الحارث في اليقظة فإنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإتيانه لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ونداؤه له وطلبه أن يستسقي لأمته دليل على أن ذلك