وإليه تدبير هذا العالم السفلي، ويعبدونه ويصلون له ويسجدون، ويصومون له أياما معلومة من كل شهر، ثم يأتون إليه بالطعام والشراب والفرح.
ومنهم من يعبد أصناما اتخذوا على صور الكواكب، وبنوا لها هياكل ومتعبدات، لكل كوكب منها هيكل يخصه، وصنم يخصه، وعبادة تخصه.
وكل هؤلاء مرجعهم إلى عبادة الأصنام، لأنهم لا تستمر لهم طريقة إلى شخص خاص على كل شكل ينظرون إليه، ويعكفون عليه.
إلى أن قال: ومنهم من يعبد النار حتى اتخذوها إلها معبودة، وبنوا لها بيوتا كثيرة، وجعلوا لها الحجاب والخزنة حتى لا يدعوها تخمد لحظة.
ومن عبادتهم أنهم يطوفون بها، ومنهم من يلقي بنفسه فيها تقربا إليها، ومنهم من يلقي ولده فيها متقربا إليها، ومنهم عباد زهاد عاكفين صائمين لها، ولهم في عبادتها أوضاع لا يخلون بها.
ومن الناس طائفة تعبد الماء، وتزعم أنه أصل كل شئ ولهم في عبادته أمور ذكرها، منها تسبيحه، وتحميده، والسجود له.
ومن الناس طائفة عبدت الحيوان، منهم من عبد البقر، ومنهم من عبد الخيل، ومنهم من عبد البشر، ومنهم من عبد الشجر، ومنهم من عبد الشيطان، قال تعالى:
{ألم أعهد إليكم يا بني آدم لا تعبدوا الشيطان}... الآيتين (1).
قال: ومنهم من يقر أن للعالم صانعا، فاضلا، حكيما، مقدسا عن العيوب والنقائص، قالوا: ولا سبيل لنا إلى الوصول إليه إلا بالوسائط، فالواجب علينا أن نتقرب بهم إليه، فهم أربابنا، وآلهتنا، وشفعاؤنا عند رب الأرباب، وإله الآلهة، فما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فحينئذ نسأل حاجاتنا منهم، ونعرض أحوالنا