وعن أبي عثمان النهدي، قال:، كنا في الجاهلية نعبد حجرا، فسمعنا مناديا ينادي: يا أهل الرحال، إن ربكم هلك فالتمسوا ربا، فخرجنا على كل صعب وذلول، فبينما نحن كذلك نطلب إذا نحن بمناد ينادي: إنا قد وجدنا ربكم - أو شبهه - فإذا حجر، فنحرنا عليه الجزر.
ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنما، فجعل يطعن بقوسه في وجوهها وعيونها، ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل} (1) وهي تتساقط على وجوهها، ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت.
قال: تلاعب الشيطان بالمشركين له أسباب عديدة:
فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم - كما تقدم عن قوم نوح -.
وبعضهم اتخذوها بزعمهم على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم، وجعلوا لها بيوتا وسدنة، وحجابا، وحجا، وقربانا.
ومن عبادة الأصنام: عبادة الشمس، زعموا أنها ملك من الملائكة، لها نفس وعقل، وهي أصل نور القمر والكواكب، وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها، وهي عندهم ملك الفلك، فتستحق التعظيم والسجود.
ومن شريعتهم في عبادتها أنهم اتخذوا لها صنما، وله بيت خاص يأتون ذلك البيت، ويصلون فيه لها ثلاث مرات في اليوم، ويأتيه أصحاب العاهات فيصلون له، ويصومون له، ويرعونه، وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها، وإذا غربت، وإذا توسطت الفلك.
وطائفة أخرى اتخذوا للقمر صنما، وزعموا أنه يستحق التعظيم والعبادة،