فإن أبيتم إلا العناد، وادعيتم المراتب العلية، والأخذ من الأدلة من غير تقليد أئمة الهدى، فقد تقدم أن هذا خرق للإجماع.
فصل [الجاهل معذور] وعلى تقدير هذه الأمور التي تزعمون أنها كفر - أعني النذر وما معه - فهنا أصل آخر من أصول أهل السنة، مجمعون عليه - كما ذكره الشيخ تقي الدين، وابن القيم عنهم - وهو:
أن الجاهل والمخطئ من هذه الأمة - ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا أو كافرا - أنه يعذر بالجهل والخطأ، حتى تتبين له الحجة التي يكفر تاركها بيانا واضحا ما يلتبس على مثله، أو ينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام، مما أجمعوا عليه إجماعا جليا قطعيا يعرفه كل من المسلمين، من غير نظر وتأمل - كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى - ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع.
فإن قلت: قال الله عز وجل: {من كفر بالله من بعد إيمانه} (1)... الآية، نزلت في المسلمين، تكلموا بالكفر مكرهين عليه.
قلت: هذا حق، وهي حجة عليكم لا لكم، فإن الذي تكلموا به هو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتبري من دينه، وهذا كفر إجماعا، يعرفه كل مسلم.
ومع هذا إن الله عز وجل عذر من تكلم بهذا الكفر مكرها، ولم يؤاخذه.
ولكن الله سبحانه وتعالى كفر من شرح بهذا الكفر صدرا، وهو من عرفه