وهي أن جميع هذه الأحاديث مصرحة بأن الأصنام لا تعبد في هذه الأمة إلا بعد انخرام أنفس جميع المؤمنين آخر الدهر.
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عبادة الأوثان، وأنها كائنة.
فعرضت عليه الصديقة مفهومها من الآية الكريمة أن دين محمد صلى الله عليه وسلم لا يزال ظاهرا على الدين كله، وذلك أن عبادة الأصنام لا تكون مع ظهور الدين.
فبين لها صلى الله عليه وسلم مراده في ذلك، وأخبرها أن مفهومها من الآية حق، وأن عبادة الأصنام لا تكون إلا بعد انخرام أنفس جميع المؤمنين، وأما قبل ذلك فلا.
وهذا بخلاف مذهبكم.
فإن اللات والعزى عبدت - على قولكم - في جميع بلاد المسلمين من قرون متطاولة.
ولم يبق إلا بلادكم من آن ظهر قولكم هذا من قريب ثماني سنين.
فزعمتم: أن من وافقكم على جميع قولكم فهو المسلم، ومن خالفكم فهو الكافر.
وهذا الحديث صحيح، وهو يبين بطلان ما ذهبتم إليه، لمن له أذن واعية!
وأيضا في حديث عمران: إن الطائفة المنصورة لا تزال تقاتل على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال.
وكذلك حديث عقبة: إن العصابة يقاتلون على الحق، وإنهم لا يزالون قاهرين لعدوهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك.
ومعلوم أن الدجال غاية ما يدعوهم إليه عبادة غير الله تعالى.
فإذا كان أن عبادة غير الله تعالى ظاهرة في جميع بلاد المسلمين، فما فائدة فتنة الدجال التي حذر منها جميع الأنبياء أممهم، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حذر من فتنته؟
وأين العصابة - الذين يقاتلون على الحق، الذين آخرهم يقاتل الدجال - عن