شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٦٦
والجواب أن المعلوم هو الوجود المطلق للمغاير للخاص الذي هو نفس الحقيقة وإلى هذه الأجوبة أشار بقوله لا نزاع في زيادة الوجود المطلق أي على ماهية الواجب وإنما النزاع في زيادة وجوده الخاص وما ذكر من الوجوه لا يدل عليها قال فإن قيل إشارة إلى دليل آخر للإمام لا يندفع بما ذكر تقريره أن الوجود طبيعة نوعية لما بينتم من كونه مفهوما واحدا مشتركا بين الكل والطبيعة النوعية لا تختلف لوازمها بل يجب لكل فرد منها ما يجب للآخر لامتناع تخلف المقتضى عن المقتضى وعلى هذا بنيتم كثيرا من القواعد كما سيأتي فالوجود إن اقتضى العروض أو اللاعروض لم يختلف ذلك في الواجب والممكن وإن لم يقتض شيئا منهما احتاج الواجب في وجوبه إلى منفصل كما سبق والجواب أنا لا نسلم أنه طبيعة نوعية ومجرد اتحاد المفهوم لا يوجب ذلك لجواز أن يصدق مفهوم واحد على أشياء مختلفة الحقيقة واللوازم كالنور يصدق على نور الشمس وغيره مع أنه يقتضي إبصار الأعشى بخلاف سائر الأنوار فيجوز أن تكون الوجودات الخاصة متخالفة بالحقيقة يجب للوجود الواجب التجرد ويمتنع عليه المقارنة والممكن بالعكس مع اشتراك الكل في صدق مفهوم الوجود المطلق عليها صدق العرضي اللازم على معروضاته الملزومة كالنور على الأنوار لا صدق الذاتي بمعنى تمام الحقيقة ليكون طبيعة نوعية كالإنسان لإفراده أو بمعنى جزء الماهية ليلزم التركب كالحيوان لأنواعه قال متواطئا أو مشككا إشارة إلى أن الجواب يتم بما ذكرنا من المنع مستندا بأنه يجوز اشتراك الملزومات المختلفة الحقائق في لازم واحد غير ذاتي سواء كانت مقوليته عليها بالتواطئ كالماهية على الماهيات والتشخص على التشخصات أو بالتشكيك كالبياض على البياضات والحرارة على الحرارة فلا يلزم من كون الوجود مفهوما واحدا مشتركا بين الوجودات كونه طبيعة نوعية والوجودات أفرادا متفقة الحقيقة واللوازم وإن فرضنا اشتراك الكل في مفهوم الوجود على السواء من غير أولية ولا أولوية إلا أنه لما كان الواقع هو التشكيك وكان من دأب الحكيم المحقق سلوك طريق التحقيق ذكر في جواب استدلالات الإمام أن الوجود مقول على الوجودات بالتشكيك لأنه في العلة أقدم منه في المعلول وفي الجواهر أولى منه في العرض وفي العرض القار كالسواد أشد منه في غير القار كالحركة بل هو في الواجب أقدم وأولى وأشد منه في الممكن والواقع على الأشياء بالتشكيك يكون عارضا لها خارجا عنها لا ماهية لها أو جزء ماهية لامتناع اختلافهما على ما سيأتي فلا يكون الوجود طبيعة نوعية للوجودات بل لازما خارجا يقع على ما تحته بمعنى واحد ولا يلزم من ذلك تساوي ملزوماته التي هي وجود الواجب ووجودات الممكنات في الحقيقة ليمتنع اختلافها في العروض واللاعروض وفي المبدائية للممكنات وعدم المبدائية إلى غير ذلك والعجب أن الإمام قد اطلع من كلام الفارابي وابن
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»