شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٥٧
أنه إن أريد أن هذا الحكم بديهي بجميع متعلقاته على ما هو رأي الإمام في التصديق فممنوع بل مصادرة على المط حيث جعل المرعي وهو بداهة تصور الوجود جزء من الدليل وإن أريد أن نفس الحكم بديهي بمعنى أنه لا يتوقف بعد تصور المتعلقات على كسب فمسلم لكنه لا يثبت المدعى وهو بداهة تصور الوجود بحقيقته لجواز الحكم البديهي مع عدم تصور الطرفين بالحقيقة بل بوجه ما ومع كون تصورهما كسبيا لا بديهيا وإنما قلنا في الأول فممنوع بل مصادرة ولم نقتصر على أحدهما تنبيها على تمام الجواب بدون بيان المصادرة وتحقيقا للزوم المصادرة بأن بداهة كل جزء من أجزاء هذا التصديق جزء من بداهة هذا التصديق لأنه لا معنى لبداهة هذا التصديق سوى أن ما يتضمنه من الحكم والطرفين بديهي والعلم بالكل إما نفس العلم بالأجزاء أو حاصل به على ما مر في تصور الماهية وأجزائها فبالضرورة يكون العلم بكل جزء سابقا على العلم بالكل لا تابعا له ممكن الاستفادة منه ويبطل ما ذكر في المواقف من أنا نحتار أن هذا التصديق بديهي مطلقا أي بجميع أجزائه ولا مصادرة لأن بداهة هذا التصديق تتوقف على بداهة أجزائه لكن العلم ببداهته لا يتوقف على العلم ببداهة الأجزاء فالاستدلال إنما هو على العلم ببداهة الأجزاء فيجوز أن يستفاد من العلم ببداهة هذاالتصديق لأنه يستتبع العلم ببداهة أجزائه بمعنى أنه إذا علم بداهته فكل جزء يلاحظ من أجزائه يعلم أنه بديهي فإن قيل قد يعقل المركب من غير ملاحظة الأجزاء على التفصيل قلنا لو سلم ففي المركب الحقيقي إذ لا معنى لتعقل المركب الاعتباري سوى تعقل الأمور الاعتبارية المتعددة التي وضع الاسم بإزائها ولو سلم ففي التصور للقطع بأنه لا معنى للتصديق ببداهة هذا المركب بجميع أجزائه سوى التصديق بأن هذاالجزء بديهي وذاك وذاك ولو سلم فلا يلزم المصادرة في شيء من الصور لجواز أن يعلم الدليل مطلقا من غير توقف على العلم بجزئه الذي هو نفس المرعي الوجه الثاني أن الوجود معلوم بحقيقته وحصول العلم إما بالضرورة أو الاكتساب وطريق الاكتساب إما الحد أو الرسم وهذا احتجاج على من يعترف بهذه المقدمات فلهذا لم يتعرض لمنعها والوجود يمتنع اكتسابه إما بالحد فلأنه إنما يكون للمركب والوجود ليس بمركب وإلا فأجزاؤه إما وجودات أو غيرها فإن كانت وجودات لزم تقدم الشيء على نفسه ومساواة الجزء للكل في تمام ماهيته وكلاهما محال أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأن الجزء داخل في ماهية الكل وليس بداخل في ماهية نفسه ومبنى اللزوم على أن الوجود المطلق الذي فرض التركيب فيه ليس خارجا عن الوجودات الخاصة بل إما نفس ماهيتها ليلزم الثاني أو جزء مقوم لها ليلزم الأول وإلا فيجوز أن تكون الأجزاء وجودات خاصة هي نفس الماهيات أو زائدة عليها والمطلق خارج عنها فلا يلزم شيء من المحالين وإن لم تكن الأجزاء وجودات فإما أن يحصل عند اجتماعهما أمر زائد يكون هو الوجود أو لا
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»