وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥٧٥
روى أنس بن مالك عن النبي قوله: إن نوحا عاش ألفا وأربعمائة وخمسين سنة، وإن آدم عاش تسعمائة وثلاثين سنة، وإن نبي الله شيث عاش تسعمائة واثنتي عشرة سنة.
وكذلك لا يقبل الاعتراض على وجود المهدي بأنه لم يشاهده أحد بعد غيبته الثانية، إذ ليس كل موجود بقدرة الله يقتضي رؤيته. فالملائكة والجن من العوالم الموجودة بيننا دون أن نراها، بل الله سبحانه موجود وهو معنا أينما كنا ولكنه لا تدركه الأبصار. فهل عدم رؤيته من جانبنا دليل على عدم وجوده؟ " (1).
" نعم، ليس هناك أية غرابة في وجود المهدي. ومن ينكر بقاءه حيا يلزمه إنكار حياة عيسى والخضر، وهما قبل المهدي بآلاف السنين.
ومن ينكر وجود المهدي لكونه غائبا فلينكر وجود إبليس فهو أيضا غائب عن أنظارنا، فغيبة الإمام ليست دليلا على عدم وجوده، كما أن غياب الخضر وعيسى وإبليس والدجال ليس دليلا على عدم وجودهم.
أما لماذا غاب الإمام؟ فهذا أمره إلى الله ولا تظهر الحكمة من ذلك إلا بعد ظهوره، كما أن الحكمة لم تظهر لموسى (عليه السلام) من قتل الخضر للصبي وخرقه للسفينة... وهدمه الجدار إلا فيما بعد، ولكن ينبغي الالتفات إلى حقيقة مهمة وهي: أن غيبة الإمام ليست من الله ولا من الإمام نفسه. بل غيبته منا.
هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اختفى في الغار - وإن كان لفترة قصيرة - فهل كان غيابه عن الناس من نفسه أو أن الله حرم الناس رؤيته المباركة؟ أو أن الناس هم السبب في غيابه إذ لاحقوه ورفضوا دعوته؟!
وهؤلاء أصحاب الكهف تواروا عن أعين الخلق وذلك بسبب الناس. وكذا الحال مع المهدي الذي كان محط أنظار الحكم العباسي.

1 - إسلامنا: ص 192 - 193.
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»