وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٠٣
قال عن رواية مسلم (١): " وهذا اللفظ يدل على أن الذي أمرنا بالتمسك به وجعل المتمسك به لا يضل، هو كتاب الله " وقال في موضع آخر: " الحديث الذي في مسلم إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قاله (٢) فليس فيه إلا الوصية باتباع الكتاب، وهو لم يأمر باتباع العترة، ولكن قال: " أذكركم الله في أهل بيتي ".. " (٣).
ويل للذين ﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾ (4) إنه تأويل تمجه الأسماع، ويرده الحديث نفسه، ولكن التعصب يفعل الأعاجيب. وقد رأيت - أخي القارئ - كلمات الأعلام من أهل السنة في هذا الحديث ومع ذلك نقول في جوابه:
إن قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله... دليل على أن عترته حجة كما أن القرآن حجة ولا اقتران بين الكتاب والعترة إلا لكونهم حجة كالقرآن. فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك في أمته " الثقلين " " أولهما كتاب الله " فهلا قال لنا ابن تيمية وشيعته ما ثانيهما؟!! فلو كان الحديث يأمرنا بالتمسك بكتاب الله ويذكرنا بآل البيت (عليهم السلام)، فلم قرنهما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) معا " الثقلين " " لن يفترقا " " حتى يردا "؟! ولو صح ما قالوه لكان من حق الحديث أن يكون هكذا: إني تارك فيكم الثقل... وأذكر الله في أهل بيتي، وهذا أمر واضح يعرفه حتى العوام!
وما هم قائلون بهذا اللفظ الذي صححه الألباني؟ عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي! كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " (5) فهل يقبل هذا النص تأويلا؟!

١ - وقد أوردناها وهناك ثلاث طرق أخرى في الصحيح نفسه.
٢ - عجبا كيف يشكك فيه وهو في كتاب معصوم عنده وعلى هذا فكل حديث يواجهنا في صحيح مسلم سنشك به ونقول: إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قاله، اقتداءا بالشيخ!
٣ - منهاج السنة: ٤ / ١٠٥ و ٨٥.
٤ - المائدة: ١٣.
5 - السنة: ابن أبي عاصم، تخريج الألباني 2 / 337.
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»