وفي الملل والنحل، إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عنه " (١)، وشدد النبي على الجيش بالذهاب، لكن الصحابة العدول تثاقلوا عن المسير وطعنوا في تأمير أسامة، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام في الصحابة خطيبا وقال: " إن تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه!! وأيم الله إن كان لخليقا للإمرة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده "، فذهبوا إلى المعسكر، ثم رجعوا والنبي يجود بنفسه، فتوفي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورجع الجيش إلى المدينة (٢).
في هذه الرزية رفض الصحابة أوامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) رغم تشديده عليهم بالذهاب. ولم يكتفوا بذلك، بل طعنوا في تأمير أسامة الذي هو طعن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي أمره!
وعلماء أهل السنة وقفوا موقف المدافع عن الصحابة وبدلا من مواساتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وشاركوا الصحابة مقالتهم ضد أسامة، فشاركوهم في عصيان الرسول!
قالوا: إن الصحابة خافوا على الرسول المرض... والحق، إن أي تبرير لموقف الصحابة هذا لا يصح، لأن النص صريح في وجوب الذهاب عليهم، والقرآن يناديهم ليلا ونهارا: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم﴾ (٣)، ﴿وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول...﴾ (4) وهناك غيرها الكثير من الآيات المماثلة. فطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واجبة عليهم مهما كانت الظروف.