وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٢٦٩
وإني لأعجب من هؤلاء العلماء الذين يدافعون عن عمر والصحابة دون رسول الله. وهم بدفاعهم هذا يجعلون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مخطئا وإن لم يصرحوا بهذا.
فإما أن يكون النبي محقا وعمر مبطلا، وهو الصحيح - أو أن يكون عمر محقا والنبي مبطلا - والعياذ بالله.. إذن فليعترفوا بأن عمر والصحابة أخطأوا وعصوا الرسول وليس في هذا ضير. بل هو الحق الذي يجب أن نذعن له ونعترف به، والاعتراف بالحق فضيلة.
التفتازاني يعترف!
لقد اعترف التفتازاني - وهو من علماء أهل السنة - بأن بعض الصحابة قد حاد عن طريق الحق. قال: " ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثقات يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق!، وبلغ حد الظلم والفسق وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد وطلب الملك والرئاسة والميل إلى اللذات والشهوات، إذ ليس كل صحابي معصوما ولا كل من لقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخير موسوما إلا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق...
وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء، ويبكي له من في الأرض والسماء وتنهد منه الجبال وتنشق الصخور، ويبقى سوء عمله على كر الشهور، ومر الدهور، فلعنة الله على من باشر أو رضي أو سعى، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى... " (1).

1 - شرح المقاصد: 2 / 306 - 307.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 273 274 275 ... » »»