وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٢٧
الذي أخذه عن النبي؟ ولماذا لم يصلنا منه سوى خمسين حديثا؟ وأليس هذا معناه أن علم علي الذي أخذه عن النبي والذي لا يقدر بعدد قد ضاع عند أهل السنة؟
أليس هذا هو الواقع المر الذي يجب الإذعان له؟ إن أبا هريرة لم ير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سوى سنتين وروى عنه 5374 حديثا (1)، وعلي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي رافق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ طفولته ولازمه كظله، يروي خمسين حديثا؟!!
فهل هذا عدل يا مسلمين؟ وأين علم أبي هريرة من علم علي؟! يقول ابن عباس: " والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر " (2).
وأرى هنا أنه لابد من الاعتراف بأننا فقدنا كما نوعيا هائلا من السنة النبوية التي يحفظها علي ولم تصل لنا. فالذي وصلنا عن علي (صلى الله عليه وآله وسلم) قياسا لسعة علمه وطول مدة ملازمته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خير دليل على ضياع قسم كبير من السنن التي كانت عند علي.
وقد اعترف بهذه الحقيقة الشيخ محمد أبو زهرة يقول في ذلك: " وإنه يجب علينا أن نقرر هنا أن فقه علي (عليه السلام) وفتاويه وأقضيته لم ترو في كتب السنة بالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته، ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها إلى الدرس والإفتاء في مدة الراشدين قبله، وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين، وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن يبعث (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه، ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنة أضعاف ما هو مذكور فيها " (3).

١ - أسماء الصحابة الرواة: ص ٣٧.
٢ - الاستيعاب: ٣ / ١١٠٤. ذخائر العقبى: ص ٧٨. أسد الغابة: ٣ / ٥٩٧. تاريخ الخلفاء، السيوطي.
الشذرات الذهبية، محمد بن طولون: ص ٥١. ينابيع المودة: ص ٧٠. الشرف المؤبد: ص ٥٩. المناقب، اخطب خوارزم: ص ٥٥، راجع إحقاق الحق.
3 - الإمام الصادق: ص 162.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»