وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١١٣
يوم القيامة أو في نفس اللحظة حتى يقيم الحجة عليهم، ولكن لما كان طلبهم مستحيلا وتجاوزا للحد حل بهم عذاب الله، وإلا كيف يعاقب الله على أمر مشروع أثبته في قرآنه حسب قول السلفية (1)؟!
قال الإمام الصادق (عليه السلام) في " الاحتجاج ": " إن الباصرة لا يمكن أن تكون في حيز الممكنات ما لم يكن هناك اتصال بين البصيرة والمرئي ومحال اتصال شئ بذاته جل وعلا "، فحتى تتم رؤية شئ لابد أن تنعكس صورته في العين والله ليس له صورة (2).
وقال السلفية: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة. أخرج البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له... " (3).
إن هذا الحديث لا يصح، فبديهي أن كروية الأرض تعني أن ساعات الليل ليست واحدة على نقاط الأرض المختلفة، بل هي في تتابع منتظم بانتظام دورانها حول نفسها، فالساعة التي تكون عندنا هي ثلث الليل الأخير، سوف تكون في نقطة أخرى منتصفه الأول، وفي نقطة أخرى ثلثه الأول، وفي نقطه أخرى لم يدخل الليل بعد. ومعلوم أيضا ان الله تعالى ليس رب مكة والمدينة وحدهما لينزل في الساعة التي يكون فيها ثلث الليل هناك، وإنما هو رب العالمين، وله عباد في جميع أنحاء الأرض ولهم ساعات أخرى مختلفة عن ساعة المدينة فيكون عندهم ثلث الليل الأخير. وعلى هذا فينبغي وفق الحديث أن

١ - يستدل السلفية على رؤية الله بقوله تعالى * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) * سورة القيامة ٢٢ - ٢٣، ولكن هذه الآية لا تدل على ما ذهبوا إليه وكلمة ناظرة لها عدة معاني ومن معانيها منتظرة رحمة ربها، ويؤيد هذا قول الله بعد هذه الآية مباشرة: * (ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة) * فالله يرسم لنا صورتين: المؤمنون ينتظرون رحمة الله، والكافرون ينتظرون العذاب. وللاستزادة من هذا الموضوع يراجع " كلمة حول الرؤية " لشرف الدين ففيه حجج دامغة على نفي الرؤية.
٢ - راجع الأسماء والصفات للبيهقي: ٢ / ١٥، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر.
٣ - صحيح البخاري: كتاب الدعوات، باب الدعاء نصف الليل.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»