وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١١٢
فليتهم يتصدقون علينا بريشة منه!! (١).
قد يهون الأمر إذا لم يمس مصير خلق الله، قال تعالى: ﴿ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا﴾ (٢) فعلى قاعدة أن كل ألفاظ القرآن تحمل على الحقيقة فهذه الآية تعني: من كان أعمى البصر في الدنيا فهو كذلك في الآخرة. مع أن المقصود عمى البصيرة! فهذا المنهج في التعامل مع النصوص ينقضه القرآن نفسه.
وقد أخبرنا أحد أساتذتنا ممن يدرسون العقيدة السلفية أن هناك رأيا يميل إلى أن الحقيقة فقط في آيات الصفات. وهذا القول مناقض لما قرره السلفية من أن القرآن صفة إلهية. فعلى هذا لا يجوز تأويل القرآن ككل!!
وقال السلفية: إن الله في السماء (٣) يرى كما يرى القمر. مع أن الله (٤) نفى هذا الشئ عن نفسه بصريح العبارة فقال: ﴿لا تدركه الأبصار﴾ (٥) وقال مخاطبا موسى (عليه السلام) حين طلب رؤيته: ﴿لن تراني﴾ (6) ولن: تفيد التأبيد.
إن نظرة واحدة إلى مصير بني إسرائيل الذين طلبوا رؤية الله تكفي لأن تجعلنا نرفض هذا الاعتقاد. قال الله على لسان بني إسرائيل: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) (7).
فلو كانت رؤية الله أمرا مشروعا لما عاقبهم الله هذا العقاب، ولوعدهم برؤيته

١ - هذا المعنى مأخوذ من أبي تمام لقصة حدثت معه.
٢ - الإسراء: ٧٢.
٣ - لا بد هنا أن أشير لهذه الطرفة، فقد كان أحد أساتذتنا السلفية يستدل على وجود الله في السماء بدليل:
إننا نرفع يدينا في الدعاء إلى السماء، ومرة انتقد أحد مشايخنا الأشاعرة هذا الاعتقاد فقال: إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد " فعلى قولهم هذا يجب أن نسجد للأعلى لا للأسفل!!!
٤ - الأنعام: ١٠٣.
٥ - الأعراف: ١٤٣.
٦ - البقرة: ٥٥.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»