نظرة حول دروس في العقيدة الإسلامية - عبد الجواد الإبراهيمي - الصفحة ٩٣
الدليل على العدل الإلهي إن الله تعالى يمتلك أسمى مراتب القدرة والاختيار ولكنه تعالى لا يفعل كل ما يقدر عليه من أفعال، بل إنما يفعل الذي يريده، وليست إرادته تعالى عابثة جزافية فإنه تعالى لا يريد إلا ما يتناسب وتقتضيه صفاته الكمالية.
فمقتضى الصفات الإلهية الكمالية أن يخلق العالم بصورة يتوفر في مجموعة الكمال الغالب والخير الممكن الحصول ومن هنا تثبت صفة الحكمة لله تعالى.
وعلى هذا الأساس فإن الإرادة الإلهية إنما تعلقت بخلق الإنسان لأن وجوده منشأ للخير الغالب ولأكثر الخيرات. ومن المميزات الرئيسية للإنسان اختياره وإرادته الحرة التي يعد من الكمالات الوجودية ولكن ما يلازم اختيارية الإنسان أن يكون قادرا على ممارسة الأفعال الحسنة الخيرة وكذلك يكون قادرا على ارتكاب الأفعال القبيحة والمنكرة لتتجه به إلى السقوط في حضيض الخسران والشقاء الأبدي فما تتعلق به الإرادة الإلهية أصالة هو تكامله، ولكن بما أنه يلزم من التكامل الاختياري للإنسان إمكان السقوط والانحطاط أيضا، تتعلق الإرادة الإلهية بالتبع بهذا السقوط الاختياري وبما أن الاختيار الواعي الشعوري محتاج إلى المعرفة الصحيحة السليمة لطرق الخير والشر، وفر تعالى مستلزمات الحركة التكاملية (المعرفة الصحيحة) وبما أن التكاليف الإلهية إنما وضعت وشرعت لهدف توصل الإنسان إلى نتائج العمل بهذه التكاليف الإلهية اقتضت الحكمة الإلهية أن
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 99 ... » »»