إذن، الحديث كان هو السبب الأول للوقوف أمام الخليفة، والمحدثون كانوا هم ممن يزيدون في الطين بلة والاختلاف شدة - حسب نظر الخليفة - ولأجل هذا ترى الخليفة يصرح بجرمهم - حين أراد حبسهم عنده في المدينة - بأنهم أكثروا الحديث عن رسول الله أو أفشوا الحديث عن رسول الله، فإكثار الحديث وإفشائه يساوي التوعية عند الناس، والخليفة لا يريد أن يعرف الناس أحاديث رسول الله كي يقفوا بوجهه ويخطؤه فيما يقوله، لأن ذلك سيؤثر على قوام خلافته، أما تناقل الأحاديث التي يعرفها الخليفة فلا خوف في تناقلها.
بلى، إن الناس كانوا يريدون الوقوف على سنة رسول الله لا سنة الشيخين، والخليفة لا يعرفها جميعا، فبدا يواجه مشكلة جديدة ينبغي أن يضع لها الحل، لأن المحدثين من الصحابة وبنقلهم الأحاديث عن رسول الله سيوقفون الناس على وهن رأي الخليفة وبعده عن الشريعة، وهذا سيسبب التشكيك في خلافته.
ومن أجل هذا رأى أن لا محيص من أن يمنع من التحديث أولا ثم يشرع الاجتهاد والرأي، كي يكون أصلا ثالثا في التشريع الإسلامي (1)،