مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٤٨٥
رضي الدين قدس روحه: أنا متوجه إلى بغداد وربما كان أطبائها أعرف وأحذق من هؤلاء، فاصحبني، فأعد معه وأحضر الأطباء فقالوا كما قال أولئك، فضاق صدره فقال له السعيد: إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب، وعليك الإجتهاد في الاحتراس، ولا تغرر بنفسك، فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله، فقال له والدي: إذا كان الأمر على ذلك، وقد وصلت إلى بغداد فأتوجه إلى زيارة المشهد الشريف بسر من رأى على مشرفه السلام، ثم أنحدر إلى أهلي، فحسن له ذلك، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه، قال: فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة (عليهم السلام)، ونزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالإمام (عليه السلام)، وقضيت بعض الليل في السرداب، وبت في المشهد إلى الخميس ثم مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملأت إبريقا كان معي، وصعدت أريد المشهد، فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور، وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم، فحسبتهم منهم فالتقينا، فرأيت شابين أحدهما عبد مخطوط، وكل واحد منهم متقلد بسيف، وشيخا منقبا بيده رمح، والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية ملونة فوق السيف، وهو متحنك بعذبته، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق، ووضع كعبه في الأرض، ووقف الشابان عن يسار الطريق، وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي، ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام، فقال له صاحب الفرجية: أنت غدا تروح إلى أهلك؟ فقال: نعم، فقال له:
تقدم حتى أبصر ما يوجعك، قال فكرهت ملامستهم، وقلت في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة، وأنا قد خرجت من الماء، وقميصي مبلول، ثم إني بعد ذلك تقدمت إليه فلزمني بيده، مدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني، ثم استوى في سرجه كما
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»