فلما وافيت بابه رأيت العرب والقواد والجند يدخلون إليه، فجلست ناحية داره وقلت في نفسي: متى أنا أصل إلى هذا وأنا متفكر، وقد طال قعودي وهممت بالانصراف إذ خرج خادم يتصفح الوجوه، ويقول أين ابن ابنة إلياس؟
فقلت: ها أنا ذا فأخرج من كمه درجا وقال: هذا جواب مسائلك وتفسيرها، ففتحته وإذا فيه المسائل التي في كمي وجوابها وتفسيرها، فقلت: أشهد الله ورسوله على نفسي أنك حجة الله، وأستغفر الله وأتوب إليه، وقمت، فقال لي رفيقي: إلى أين تسرع؟ فقلت: قد قضيت حاجتي في هذا الوقت، وأنا أعود للقائه بعد هذا).
وروى الخاصة والعامة عن أبي حبيب النباجي أنه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام، وقد وافا النباج، ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج في كل سنة، وكأني مضيت إليه وسلمت عليه ووقفت بين يديه، ووجدت عنده طبقا من خوص نخل المدينة، فيه تمر صيحاني، فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني منه فعددته، فكان ثمانية عشر تمرة، فتأولت أني أعيش بعدد كل تمرة سنة.
فلما كان بعد عشرين يوما كنت في أرض بين يدي، تعمر للزراعة حتى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا (عليه السلام) من المدينة، ونزوله ذلك المسجد، ورأيت الناس يسعون إليه فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتحته حصير مثل ما كان تحته، وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني فسلمت عليه، فرد السلام علي واستدناني فناولني قبضة من ذلك التمر، فعددته فإذا عدده مثل ذلك العدد الذي ناولني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت له: زدني منه يا ابن رسول الله فقال: لو زادك رسول الله (صلى الله عليه وسلم)